الخميس، 16 يناير 2014

متى يتحد العالم لوضع استراتيجية لمنع انتقال امراض الحيوانات للبشر ؟



ميدل ايست اونلاين :
بنكوك - يقول الخبراء أن ثمة حاجة ملحة لتطوير استجابة عالمية متعددة القطاعات للأمراض الحيوانية المصدر (الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر) في ظل حقيقة أنها مصدر أكثر من نصف الأمراض التي تصيب البشر.
وتقول لورا خان (طبيبة وباحثة في جامعة برنستون في الولايات المتحدة) إن "إهمال صحة الحيوانات والنظم الإيكولوجية (البيئية) يجعلنا نفشل في إدراك أن صحة الإنسان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة الحيوانية والنظام الإيكولوجي " وقد شاركت خان في تأسيس مشروع تحت عنوان "مبادرة صحة واحدة"، الذي يربط صحة الإنسان بصحة الحيوانات والنظام الإيكولوجي.
ويحذر الخبراء من أنه في ظل وجود ما يقرب من نصف نحو ألف نوع من مسببات الأمراض في المواشي والحيوانات التي يُحتفظ بها كحيوانات أليفة التي يمكنها الانتقال إلى البشر، فلا شك أن سوء صحة الحيوانات يزيد من مخاطر اعتلال الصحة لدى البشر.
وقد أفاد المعهد الدولي لبحوث الماشية ومقره نيروبي في عام 2012 أن الأمراض الحيوانية المعروفة تتسبب في حدوث نحو 2.3 مليار حالة من الأمراض و 1.7 مليون من الوفيات البشرية سنوياً.
ولكن هناك فيروسات غير معروفة، يصل عددها إلى نحو 320 ألف على الأقل، وذلك وفقاً لتقديرات سيمون أنتوني والباحثين المشاركين في دراسة نشرت في عام 2013 ويرى العلماء أن منع واحتواء الأمراض الحيوانية المنشأ يتطلب أنظمة مراقبة صحية معززة للإنسان والحيوان، وتعزيز سلامة الأغذية، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وعلى القدر ذاته من الصعوبة، إن لم يكن أكثر - تعاوناً بين علماء الأحياء والأطباء البيطريين والأطباء البشريين.

عالم متطور ومخاطر متغيرة

ويعزى جزء كبير من الأمراض الحيوانية المنشأ (حوالي 70 بالمائة يأتي من الحياة البرية) بشكل مباشر إلى أفعال البشر التي غيرت إلى حد كبير من البيئات الحيوانية، الأمر الذي يؤدي إلى تناقص قدرة الحيوانات على الصمود في مواجهة العدوى وزيادة خطر إصابة البشر بالأمراض وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال يي جوان (طبيب وأخصائي فيروسات في هونغ كونغ) "لقد أدت التغييرات في نظم الزراعة والتسويق إلى زيادة العوامل الممرضة الموجودة في المجتمع على نحو لم يتعرض له البشر من قبل".
ومن المتوقع أن يتجاوز عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، مما سيؤدي إلى المزيد من الضغوط على الموارد البيئية والنظم الغذائية.
وتُقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أنه بحلول ذلك الوقت، سوف يزداد الاستهلاك العالمي من اللحوم للشخص الواحد بنسبة 27 بالمائة وسيحدث معظم هذا النمو في الصين والبرازيل وتفيد تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى أنه منذ فترة الستينات وحتى عام 2010، ونتيجة للتمدين، لاسيما في الدول النامية، فقد تضاعف الاستهلاك
العالمي من الحليب، في حين تضاعف استهلاك اللحوم بنحو ثلاث أضعاف والبيض بنحو خمسة أضعاف.
وقال يي أن كل مدينة في شرق الصين تستضيف في الوقت الحالي ما لا يقل عن اثني عشر تاجراً يبيعون أنواعاً مختلفة من الدواجن الحيّة في الأسواق المفتوحة. وقد تسببت الطيور القادمة من مناطق مختلفة من الصين إلى الأسواق الحضرية إلى تفشي السارس وإنفلونزا الطيور (اتش 1 ان 1) وسلالة جديدة من انفلونزا الطيور تم تشخيصها مؤخراً تعرف باسم (اتش 7 ان 9).

انخفاض مناعة الحيوانات

وقالت كايا تومباك، مساعد برامج في جمعية الحفاظ على الحياة البرية في كندا،"أن توسيع عمليات التصنيع مثل الصناعات الاستخراجية، كثيراً ما يقود لإنشاء مخيمات للعمال في الغابات البكر، ما يؤدي بدوره إلى تعريض الحياة البرية للبشر للمرة الأولى" وقالت تومباك أن "زيادة الإزعاج البشري وفقدان الموئل يسبب مستويات مرتفعة من الإجهاد للعديد من الحيوانات. وهذا يقلل من مناعة (الحيوانات) ويجعل الأمراض أكثر انتشارا".

عقبات

>وتشير مجلة "ذا لانسيت" الطبية البريطانية إلى أنه على الرغم من وجود برامج لمراقبة الأمراض في نحو نصف مساحة سطح الأرض، إلا أن معظم البرامج الوطنية توجد بالأساس في الأماكن ذات العدد الأقل من حالات تفشي الأمراض.

تعزيز البقاء على قيد الحياة


وفي حين أن البشر والحيوانات قد يتسببان في هلاك بعضهما الآخر، فإن بإمكانهما أيضاً تعزيز البقاء على قيد الحياة لبعضهما البعض .
>ففي عام 2000، كان معدل التحصين الكامل للأطفال والنساء من الرعاة الرحل في منطقتي شاري- باغويرمي وكانم في شرق تشاد، يقترب من الصفر. ومع ذلك، وفي مخيمات البدو ذاتها، تم تحصين الماشية بشكل إجباري عن طريق فرق الطب البيطري.
وقررت وزارتا الثروة الحيوانية والصحة في تشاد التعاون في تنفيذ حملات التطعيم للرعاة وماشيتهم، ما أدى لأول مرة، إلى التحصين الكامل لنحو 10 بالمائة من أطفال البدو ممن هم أقل من سنة من العمر في كافة المناطق التي نظمت فيها الحملة المشتركة.
وعلى الرغم من صدور دعوات من قبل منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية للقيام بمثل هذه الحملات المشتركة منذ عقدين من الزمن على الأقل، ما يسهم في خفض التكاليف وفي الوقت ذاته الوصول إلى المزيد من البشر والماشية، إلا أن الخبراء يقولون أنه لا يوجد تعاون كاف حتى الآن ويُعزى جزء من المشكلة إلى ما يُطلق عليه بـ"عقلية الصومعة" أو الانفصال الأكاديمي بحسب تعبير بيتر داسزاك، وهو عالم البيئة الذي يرأس تحالف "إكو هيلث" ومقره نيويورك، خلال جلسة في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للطب الاستوائي والصحة الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن.
وأشار داسزاك بامتعاض إلى أن "العمل مع الحيوانات هو الجزء السهل. لكن بالنسبة للخبراء، نحتاج إلى إعداد قاموس مخصص فقط لكي نفهم بعضنا البعض".
وقال يي "لا أحد يتمتع بالمعرفة والخبرة اللازمة للقيام بكل شيء من البداية إلى النهاية (تحديد المرض واحتواؤه)".