الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

الطبيب البيطري وصحة الإنسان

 

من منطلق الوقاية خير من العلاج فهي بمثابة الأخذ بالأسباب وعلى الله التوفيق ومن حيث أن أغلب غذاء الإنسان مصدره الحيوان كما يقول عز وجل : ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ) سورة النحل آية 5 ، وقال تعالى أيضا : ( وأن في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ) سورة النحل آية 66 .
وحيث أن الغذاء إما أن يكون مصدراً للصحة والكفاءة الإنتاجية العالية أو يكون على النقيض مصدراً للمرض حيث يصبح الفرد مريضاً وعالة على المجتمع وعبئاً على الوطن وعلى هذا فأنه حتما ولا بد أن تكون هناك مهنة تبنى على توفير الغذاء الصحي السليم لإعطاء الإنسان الطاقة اللازمة لدفع عجلة الإنتاج والرقي بالوطن إلى ما نصبو إليه وأيضا لحماية الإنسان ضد الأمراض المشتركة والتي تنتقل الإنسان من الحيوان أو بالعكس فالطبيب البيطري يقوم بدور كبير في حماية صحة الإنسان وذلك على مستويين :
أ- المشاركة في الرقابة على غذاء الإنسان :
يتلخص ذلك الدور في مسئولية الطبيب البيطري تجاه صحة الإنسان بإبعاد الحيوان المريض أو منتجاته عن غذاء الإنسان لمنع وصول الجراثيم أو الطفيليات أو السموم أو غير ذلك إلى الإنسان وفي هذا المجال يتعاون الطبيب البيطري مع الطبيب البشري والطبيب البيطري مسئول مسئولية خاصة عن الكشف على الحيوانات في المسالخ قبل ذبحها ثم الكشف على لحومها لتحديد صلاحيتها كغذاء الإنسان فما أكثر الأمراض التي يقطع الطبيب طريق وصولها إلى الإنسان وما اقل أن يعلم ذلك عند جلوسه إلى مائدة الطعام .
ب – مراقبة الأمراض المتنقلة من الحيوان إلى الإنسان :
على الطبيب البيطري مسئولية كبيرة تجاه الإنسان بتحذيره من الأمراض العديدة التي يمكن أن تنتقل إليه من الحيوان وعند مواجهة أحد هذه الأمراض فأن على الطبيب البيطري أن يتخذ من الإجراءات ما هو ملائم لكل حالة وأن من بين هذه الأمراض ما هو خطير للغاية وتقع المسئولية ومعظم ثقلها على عاتق الطبيب البيطري ويتعرض لاحتمال الإصابة بهذه الأمراض بصفة خاصة الأطباء البيطريون أنفسهم ومن يعاونهم في المستشفيات البيطرية وأصحاب المهن ذات الصلة بالحيوانات ومن الضروري أن تتظافر الجهود بين الطب البيطري والطب البشري لاحتواء هذا الأمر من جميع جوانبه لحماية صحة الإنسان .
الطبيب البيطري ووقاية الحيوان :
يمثل هذا الجانب مسئولية كبيرة تقع على عاتق الطبيب البيطري تتلخص في المحافظة على الثروة الحيوانية حتى لا تكتسحها الأوبئة المتعددة التي تقف بالمرصاد للحيوان ، ولذا فالطبيب البيطري يقوم بمعالجة الحيوان المريض باطنياً وجراحياً وتحصين الحيوانات أو إعادة تحصينها على فترات معينة . . وأساليب التحصين تختلف من مرض لآخر باللقاحات والأمصال التي تستعمل لوقاية الحيوان من الكثير من الأمراض ، وإضافة لذلك يقوم الطبيب البيطري بمكافحة الأمراض الوبائية في حالة حدوثها في بعض الحيوانات فيقوم بالتشخيص العاجل للمرض ومن ثم وضع الخطط العلمية المناسبة لمكافحة هذا المرض لحصر خطره من تطهير وعزل وحجر وتحصين وغير ذلك حفاظاً على الحيوان لخير الإنسان واستجابة لمبدأ الرفق بالحيوان الذي يدعوا إليه الدين الإسلامي الحنيف . . . وبهذه المحافظة على الثروة الحيوانية يمتد أثر الطبيب البيطري فيتجاوز الجيل الحاضر إلى الجيل القادم الذي ينتفع من هذه الثروة أو التي تزداد حاجة الإنسان إليها يوماً بعد يوم .
الطبيب البيطري والإنتاج الحيواني :
يرتبط هذا الدور بالفائدة المباشرة التي يجنيها الإنسان من الحيوان كوحدة إنتاجية لها أثرها الكبير على اقتصاديات البلاد ورخاء الإنسان ونسبة لما يحتاج إليه العالم من زيادة الغذاء فان هناك حاجة وحرص على الإنتاج الحيواني ومضاعفته فالطبيب البيطري يشارك في تحسين مستوى الإنتاج الحيواني وانتقاء أطيب السلالات للأغراض المختلفة الأنواع ويقوم الطبيب البيطري بدور بارز تجاه كل هذه الأهداف بالتعاون مع كل من له صلة لهذه الجوانب .
الطبيب البيطري والمشاركة في الأبحاث العلمية :
يساهم الطبيب البيطري وخاصة المتخصصين منهم في هذا المجال بإجراء التجارب والبحوث في مجالات عدة لا سبيل لحصرها تتصل بالحيوان على مختلف أنواعه ، أو في مجال صحته ومرضه وعلاجه وتناسله وإنتاجه وغير ذلك من العلوم البيطرية بهدف الوصول إلى الجديد من العلم لتطبيقه في ما يفيد الإنسان علماً وغذاءً وصحة ورخاءً . . وقد توصل العديد من العلماء البيطريون إلى ما كان له دور كبير في تقدم المعرفة بعلوم الحيوان فعلى سبيل المثال لا الحصر تدخل علوم وأبحاث الهندسة الوراثية في استنباط سلالات ممتازة من الطيور والحيوانات كاستنباط سلالة الدجاج اللاحم ( هابرد ) والخاصة بالتسمين والتي يصل وزنها إلى حوالي 1.75 كغم في خلال 45 يوماً فقط فتكون تجارة رابحة لها عائد مجزي ودورة رأس مال سريعة ، وأيضاً سلالة الدجاج ( الليحهور ) لإنتاج البيض حيث تنتج الدجاجة بيضة كل 20 ساعة . . ومن الأمثلة لاستخدام الأبحاث العلمية في الحيوانات الكبيرة فإنه تم استنباط أبقار السنتاجرجرودس لإنتاج كمية وافرة من اللحوم الحمراء في وقت سريع مع استهلاك غذائي بسيط . . . والأبقار الفريزيان والأبقار الجيرسي الإنجليزية والتي تعطي ما يزيد على 20 لتراً من الحليب يومياً و ذو نسبة عالية من الدسم تصل إلى ما يزيد على 5 % وهو ما يفيد في تصنيع الألبان من السمن وخلافه ، من هذا يتضح لنا أن الطبيب البيطري له دور هام وفعال في دفع عجلة العلم وفي تقدم المعرفة بعلوم الحيوان وتطبيق ذلك لخير الإنسان .
الطبيب البيطري ومراقبة الحيوانات المتوحشة والبرية :
نلاحظ هنا أن دور الطبيب البيطري لم يتوقف عند حدّ الحيوانات الأليفة بمختلف أنواعها بل تجاوزها إلى الحيوانات الوحشية . . ففي السنوات الأخيرة أصبح هناك ” طب الحيوانات المتوحشة حتى أصبح تخصصاً قائماً بذاته يمارسه بعض الأطباء البيطريين وتتلخص أهمية هذا الفرع في عدة جوانب منها وجود صلة بين بعض أمراض الحيوانات المتوحشة التي تمثل بنص التعبير العلمي ” مستودعاً ” في حدائق الحيوان والهوايات الخاصة .
الطبيب البيطري دعامة أساسية لاقتصاد الدولة :
يعتبر الطبيب البيطري هو الوسيط والخبير في كيفية استفادة الإنسان من الحيوان فمهنة الطب البيطري من المهن الاقتصادية بالدرجة الأولى ، وعليه وبه تقدم كثير من الصناعات الناجحة والتجارات المربحة وكلها تكون مدعمة بأبحاث علمية دقيقة تدفع على الدوام إلى الأحسن وترفع اقتصاد الدولة إلى أفضل الصور المنشودة. أمثلة على ذلك يقوم الطبيب البيطري بالاستعانة بالأبحاث العلمية المتطورة لإنتاج سلالات حيوانية جيدة لإنتاج كميات وافرة من اللحوم أو الألبان في وقت سريع مع استهلاك غذائي بسيط ، وبهذه الطريقة تم توفير مبالغ طائلة تصرف لتسمين هذه الحيوانات . كما يقوم الطبيب البيطري بالاستفادة من منتجات ومخلفات الحيوانات كالاستفادة من دم أو عظام الحيوان فيقوم بتصنيعه كأعلاف للدواجن أو الاستفادة من الحيوانات المريضة والتي يتم اكتشافها من قبل الأطباء البيطريين في المسالخ والتي تكون غير صالحة للاستهلاك الآدمي ويتم إعدامها وحرقها في مكان أعدّ لهذا الغرض مع إضافة بعض المواد الكيميائية يتم تصنيعها بطريقة معقدة كأسمدة صناعية وقبل استخدامها كأسمدة يتم إرسال عينات منها إلى المختبر للتأكد من خلوها من الميكروبات والجراثيم المعدية ، وبعد التأكد من خلوها من هذه الجراثيم والميكروبات يتم استخدام هذه الأسمدة في تحسين الأراضي الزراعية . . بجانب هذا كله يقوم الطبيب البيطري بحماية هذه الإنجازات العظيمة من النكبات التي تتعرض لها في صورة أمراض وبائية قد تؤدي إلى الهلاك .
الطبيب البيطري مهنة قوامها الرحمة :
يشعر الطبيب البيطري دوماً بما أهمل الناس الإحساس به ، فهو يحس بآلام الحيوان فيسعى جاهداً لتخفيفها ومتابعته بالعلاجات المستمرة سواءً كانت للأمراض الباطنية أو حتى المراحل التي تتطلب إجراء عملية جراحية ، كما يقوم بتوليد الحيوانات وتسهيل الولادات المتعسرة حتى وإن تطلب الأمر إجراء عملية قيصرية يؤديها متناسياً ما يمكن أن يصيبه من إصابات بدنية أو مرضية مع ملازمته للحيوان وتعاونه مع الأمراض المشتركة ومن هنا بان الطبيب البيطري هو أو المعترضين لهذه الأمراض لكنه يسعى دائماً لإتمام عمله على الوجه الأكمل بما يمليه عليه ضميره مهما كلفه ذلك وقد يكلفه صحته أو حتى حياته إضافة إلى ما سبق ذكره من نقاط تأتي مهمة أخرى إلا وهي نشر الوعي الصحي بين المواطنين وتعريفهم بالطرق الصحية السليمة للتعامل مع الحيوانات ومنتجاتها .
وبعد فان الطبيب البيطري يقوم بدور في المجتمع من خلال الوجوه العديدة التي تتصل بالحيوان وتنتهي بخير الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى فسخر له ذلك الحيوان الذي تزداد حاجة الإنسان إليه مع توالي الأجيال فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ) صدق الله العظيم